مازلت نائمة .

 
الاستيقاظ بعد الموت تحت تأثير مخدر دمعي هل يعني التخلص منه تماماً ؟ ، الساعة الآن الثانية و سبع دقائق فجراً " كاذبة " . أقلب رأسي مرة جهة اليمين و مرة أخرى جهة اليسار . أتثائب ، مازلت
أمسك هاتفي النقال بيدي اليمنى منذ تعرّفت على الوقت – الكاذب - ، أغمض جفني لمدة بتثاقل ثم أعاود فتحهما .. أمد يدي صوب مفتاح الأباجورة ، أضئ الإنارة و أضع ذراعي مجدداً على عيني بتثاقل .أفتح عيني و أتأمل نور الأباجورة مدة طويلة ، ذاك النور الأصفر الذي يفرض نفسه وسط ظلام الغرفة و ظلام المساء .. و ظلام روحي .. ، أتأكد كعادتي بأني لم أتحول لخرساء و بكماء وذلك خلال تمرين بسيط .. مازلت ممددة على ظهري أضع كفي اليسار على حنجرتي و أراقب اهتزاز أحبالي الصوتية ، بصوت خافت أصدر " آآ " .. ثم أقول بهدوء " احم " .. و أخرى " ششش ..! "ثم أبتسم كمجنونة ، أو كطفلة سعيدة بإتمام واجبها اليومي ، أستدير على جنبي الأيمن ، أعاود تأمل ضوء الأباجورة ، لم يعد نقياً ، يبدو باهتاً . أغمضت عيني و أعدت فتحها ، مازال ضعيفاً كما لو كان يتخلله بعض التراب الخفيف ، مازلت ناعسة ، أغمضت عيني بتثاقل ، سمعت شئ . حركة ما . فتحتها أتأمل الغرفة ، أفكر بهدوء و عدم مبالاة عن ماذا يكون هذا . و عدت لأغمض عيني ، ظهر صوتي . عاد لي بكائي ، همسي ، هذا صوتي عندما كنت أبكي قبل ساعات . فتحت عيني مجدداً " أعتقد بأني غفوت " ، نهضت بتثاقل أحمل جسدي الجاف حتى أغتسل ، نسيم بارد يتسلل على رقبتي مما جعلني ألف لفافة الصوف حولها تلك التي كانت تغفو على الأرض قرب السرير ، التفت إلى النافذة . كانت زجاجها يسمح لبعض الهواء بسرقة مشاعر الدفء من غرفتي ، اقتربت منها ، لمحت نوراً من بعيداً . اقتربت من الزجاج أكثر ، مجرد قطة .. أتمنى أن لا تصحو و تزعجني بحركتها ، لا .. ليس مجرد قطة .. هناك شخص آخر .. فتاة .. ترتدي بلوزة قطنية طويلة .. ربما خضراء فالجو معتم .. تجلس على ذاك المقعد الوحيد قرب الجدار آخر الرصيف ، تقترب منها فتاة .. تلقي عليها التحيه .. تبتسم بكل ود .. تتحدثان .. خلفها .. ظل آخر .. هناك .. يقف خلفها شخص آخر .. لحظة .! هذه الفتاة هي أنا ..!! اختبأت خلف الستارة و قد ازدادت ضربات قلبي و ارتفعت انفاسي . أغمضت عيني ، ثم فتحتها . أقفلت النافذة و أسدلت الستائر ،لن أكترث للأمر . مازلت أهذي أنا على علم بذلك . " أتمنى أن لا يكون حلماً . وقتها . كيف سأصحو منه برغبتي ؟ " . خطوت بضع خطوات راغبة في مغادرة الغرفة .." تعالي " .!صوت عجوز كبيرة بالسن ، التفت خلفي و إذا بها تجلس على الأريكة منحنية ، في حضنها كتاب ما " لا ليس من كتبي " ، حدقت بها طويلاً ، هززت رأسي ببطء و أنا أتأمل الغرفة .. كل تفاصيلها .. عليّ أنساها ، علّي أصدق إنها ليست موجودة .. شمعتي ، المكتبة ، دب صغير أزرق ، قلم رصاص قرب برواز صورتي و كتبت تحتها " happy new year 2001 " ، كتبي .. ، كتاب جمانة حداد على الوسادة ، كيس ورقي معلّق على قبضة باب خزانة ملابسي ، وسادة صغيرة على شكل علم أمريكا ، منشفة وردية كبيرة ، عطور ، فرشاة شعر ... أحسست بالدوار ... عدت لأتأمل مكانها ، وجدتها تقرأ بصمت ، لم تختفي .. اقتربت منها بهدوء بينما يغزو العطش الحاد حلقي ، لم تكن تشعر بي إطلاقاً .. اقتربت أكثر ، حاولت النظر إلى ملامحها .. اقتربت أكثر حتى تلحفت ظلي فوق رأسها . رفعت رأسها تتأملني .. " شفيج ؟ تبين تقرين ؟ " ، ها.؟! .. هذه أنا ..! هذه ملامحي .. العينان .. الحاجبان .. الأنف .. الشفاه .. الإبتسامة .. الصوت .. ، هذه أنا .! تملأني التجاعيد ، أتدفأ السواد .. هذه أنا ! . أحسست بي أتعثر بأريكة أخرى خلفي فأيقنت إني أتراجع .. بينما هي عادت لتقرأ .. كنت أشهق .. أزفر .. بقوة و سرعه كبيرة .. رددت " د د د د د ....! " وضعت يدي على رأسي .. بماذا أهذي ؟ .. ماذا يحدث ؟ .. جننت حتماً .. طأطأت برأسي حين سالت دمعة ساخنة على خدي . لا ، ليس هذا الدمع مجدداً . رفعت رأسي لأسألها .. لكن ، من أسأل ؟ .. أين ذهبت ؟ .. توجهت بنظري إلى باب الغرفة مباشرة .. مازال مغلق . التفت بسرعه إلى النافذة .. مازالت تنفذ أمر آخر لمسة لي ، وضعت كفي على شفاهي .. تأملت ضوء الأباجورة . لا . سأعود لسريري .. لا أريد لهذا أن يستمر ، مازلت أهذي .. مازلت نائمة .. لم أجد شيئاً .. لست مرآة حتى أعكس نفسي ، لست مرآة أبداً .. تمددت على سريري مازال دافئاً.. تلحفت غطائي .. كبست على مفتاح الأباجورة أقتل الضوء ، و أقتلني ...
Make a Free Website with Yola.