حكايتي عرجاء .





حتى عصا الكمان ماتت و لم تكمل معي الحكاية.

حزين أيها العمر ، لم أعش رقماً بقوة في حياتي كما عشت رقم الـ 23 بكل انحناءاته و نقشه الثقيل ، في كل لحظة أتنفس بها أشعر بأن الثواني تحبو ، كل نسمة تمر أمامي تحمل معهما ابتسامة صغيرة و دمعة ثقيلة وقليلاً من التعب و صلاة ، هذا العمر أجده طويلاً مازال لا يرغب في المضي بعيداً ، مازال يقف أمامي يبرز ملامحه ويلصقها بملامحي و أنا أنتظر الوقت الذي يرحل به ليأتيني عمر آخر .

في هذا العمر سكنني الحزن كمارد يرفض العدول عن قراره ، قوته أسرتني دون أي مقاومة مني، قادني إلى الهلاك مرات و إلى الحلم مرات ، غسلني بالخوف ، في هذا العمر كم تمنيت أن لا أكون ، أن أموت في زاوية ما في عالم آخر لا يدري عنه أحد ، و أن لا يفتقدني أحد و لا يغضب مني أحد و لا يسخر أو يبكي أو يصرخ بوجهي أحد .. ، في هذا العمر رقصت كثيراً انحنيت كثيراً حتى أهلكت ساقي وجذعي ، عشت به الخوف ، القهر ، الحب ، الفقد ، الأمل ، الألم ، البكاء ، الفرح ، الجنون والجنون و ......

قبل عمري هذا كنت أقوى ، ابتسامتي لها رنين خاص ، ضحكتي حين تتنفس لا تموت أبداً ربما تغيب لكن لا تموت ، لا أذكر الظلام كثيراً ربما اللون الرمادي لكن ليس الظلام ، كنت ملونة ، كنت كتومة لا أحد يحس بها حين تبكي ، حين تغضب ، حين تحزن ، كنت غامضة .
أطلت أيها العمر التربع على صدري ..

في عام واحد تسكنني الشياطين المجنونة والعاقلة ، تمزقني أنياب بشرية ، لم أجرب من قبل أن أكون صنماً و زهرة في ذات اللحظة ، جافة و عذبة ، لم أكن لأسمح لأحد أن يراني دامعة منهارة أمامه تحت وطأة تعذيب القدر . لكنه حدث ، حدث أن تعود لي جميع الرسائل التي أرسلتها لأنصح لتنصحني بدورها ، لم أكن لأصدق أن الإنسان يمكن أن يقتل إنسان بكلماته ، يقتله بكل مافي الكلمة من معنى ، يمزقه ، يميت قلبه ، ينهي نبضاته و لا يكون عليه سوى أن يرتل الشهادتين ، لم أكن لأصدق عبارة أخ لم تلده أمك ، لم أكن لأصدق كم الحظ هو سئ جداً ، كانت قوتي تسيل خارجي كما لو كنت أملك دلوا منحني يتسرب الماء العذب منه بانسياب خارج عن السيطرة ، والآن ، ذاك الدلو بات فارغاً .. لذا ..
أطلت أيها العمر التربع على صدري ..

هذا العمر ثقيل جداً ، رغم أحداثه مازال هناك من لايفهمك ، مازال هذا العمر يرسل إليك أشخاص يقولون لك أنت كما نرغب نحن ، و كما نراك ، وهم يرونك عكس ما أنت عليه ، مازال يعقد لسانك حول رقبتك فيشتد و يشتد و تفقد التنفس كما تفقد النطق .
إني أهرب منك أيها العمر ، و أهرب من نفسي ، أهرب من كل شي ، لتعود لي أنفاسي ، أشعر بي سجينة بكل ما تحمله الكلمة من معنى ، خائفة جداً من هذا العمر الذي يرفض المغادرة ، إلى أين هو يمضي ؟ ..

اتركني أيها العمر ،، اتركني ...

Make a Free Website with Yola.