جحيم ينبجس من أظافري ..

 


دخلوا عليك ، خطفوك من سريرك الناعم ، من أحلامك الساحرة ، من ليلتك الهادئة . رموك على أرض ملساء باردة . جدرانها أشواك قاسية عنيدة، تفترس من يستند عليها ، تنقض عليه وكأنها تدافع عن شرفها ، عن أطفالها ، عن حياتها .
بقيت هناك ساعات دون أغطية ، والنعاس يرمي بأثقاله على أجفانك ، لم تكن تدمع ، لم تكن خائف ، كنت ترغب في أن تنام . كنت ترغب براحتك التي خطوفك منها و خطفوها منك.
لم يستطع السبات الاقتراب منك ، من الأرض التي تركل من يتمدد عليها .
ترتخي عضلات الجسد . تنحني الرؤوس على الأكتاف، تتقوس الظهور ، تتنازل الساق عن إتمام دورها فتنحني، يتوقف الوقت أمام منظر كهذا.
......
أنت لا تبكي الآن ، أنت تتأوّه فقط ، وجع المفاصل ، الخوف من الألم ، الإرهاق ، التعب ، ثقل الحمل الذي يستوطن جسدك، الحنين إلى سريرك وراحتك .
أنت تئن . لأنك تجهل كيف حدث هذا ، تجهل أساساً ماهذا الذي أنت فيه الآن ؟ ، وإلى متى سيدوم ؟.
تدمع ؟
لماذا ؟ لأنك تبحث عنك في هذا المكان ؟ تبحث عن حقيقتك ؟ صورتك ؟ تحاول تخيلها .. لكن ... لا جدوى ...
يمكن لوجع الجسد والمرض أن يجبرنا على التأوه ، يمكنه أن يفضح أنينا للآذان ...
يمكن لجهلنا لوضع نحن فيها أن يعذبنا ...
يمكن للشوق والحنين أن يجبر ماء أجسادنا على التدفق والانسياب ...
لكن ،
مالذي يمكن أن يحدث لو أضعنا ذواتنا ؟ ، لو نسينا أشكالنا الحقيقية ؟ .
......
الآن أنت تبحث عن دليل يمكنه إقناعك بأن ذاتك لم تبتلعك و الآن أنت تسكن أرضها ، أو أنت الذي ابتلعتها فجأة في حلمك و أفقت على أرضك دون أن تتيقن ذلك ، أليس ممكناً أيضاً أن تكون هذه الأرض الباردة و الجدران ذات الأشواك المعادية لك، هي أنت دون أن تعلم ذلك ؟! .
بدوت شي ما يفتقد الآخر ، دون وعي تبكي ، تصرخ ، تتمنى ، تنادي على شئ ما غير أكيد بكونه موجوداً .
تتضرع ، تسقط على ركبتيك ، تقترب من الجدران تتلمس الأشواك بهدوء ، تنزف ببطئ ...
مرة تتأمل نزفك, و أخرى تتأمل شكل الأشواك و حدّتها...
تتوهم بوجود نور في السقف ، تتأمله مناجياً إياها أن يقترب ، لكنه لا يجيب . هو أصم ، كالأرض التي تحملك وترميك بعيداً .
تتأمل النور ، تجده حقيقياً . نور لطيف ، دافئ ، نور عذب . يقتحمك برغبتك و تتوسل للأكثر، بقدر الحزن الذي فيك تبتسم له ، بحجم الهم الذي تبتلعه وتغص فيه تتنفس بعمق ، يسكنك ببطئ ، يتنقل بين أهدابك ، أطرافك . يسكن في قلبك. تحمله بكفك دافئاً ، طيباً ، حنوناً , ترتمي على الأرض وكأنك سكرت فيه غير آبه بركلاتها الغبية الموجعة ، تسند ظهرك على الجدران متناسياً أشواكها التي استحالت زهوراً رطبة تداعب عنقك العاري ، والأرض تستحي من جفافها ، فتعود سريرك الناعم ، تعود وطناً .

__________________
 
 
Make a Free Website with Yola.