تبدأ الرواية من هنا ..
بينما بدأت حياتي بصرخاتي التي أطلقتها بوجه الحياة التي اندهشت و بقوة من وجهها البشع و ابتسامتها القبيحه ذات الاسنان الكبيره المتفرقه و كأن بينها و بين بعضها ممرا مظلما يجبرني على التعرف عليه ..
خطوت خطواتي الاولى مكرهه خاصة و إني لم أجد يد والدتي تسندني حين أسقط ... رغم وجودها حولي لكنها كانت تتذمر دائما بدفعي لأن أقود نفسي بنفسي ...
كذلك هو الحال بأولى حروفي و كلماتي التي نطقتها ببداية ربيعي ... كنت سعيدة باحتفاظي بها في روحي و فكري دون أن أسمعها لأحد و أتبادلها مع آخر ... لكن، والدي اتعبه ابتلاعي لتلك الكلمات و أثار الشك في نفسه خوفا من أكون قد غصصت بها .، حيث أني لم ألعب بها في حلقي كما فعل بقية الصغار ..
طلب لي مربية تلقنني دروس الحياة .. كانت المربية تنطق بغير لغتنا .. لكنها اجبرتني بحنانها أن أدحرج حروفي دون أن أشعر .. كانت حين تسمع حرفا مني و تنصت لرنه صوتي تنبهر و تصفق لي سعيده ... كانت تأخذ بيدي لزيارة صديقتها المرحه .. لنمرح معا ...
و بعد أن اعتدت عليها و جعلتها صوتي الذي بدأت به حياتي انتزعوها مني و انتزعوني منها ليكون هناك دافعا قويا يدخلني عالم جديد و هو المدرسة .. ذاك العالم الذي لم أجد فيه أحدا يدفعني لحبه .. أو حتى لمزج روحي به .. كانت الوجوه هناك متشابهه مليئة بالشغب .. كانت الاصوات لاتظهر نقيه صافيه ... أصواتا يملؤها النشاز ..
الاجساد هناك تبحث عن مغتصبيها حتى لو مازالت في طور التكوين حتى لو أنها غمست بالبراءة 
كنت هناك أرافق أحد الزوايا مندهشة، بينما يتبادلون النكات حولي فتأتي إحداهن و تصفعني بالـ " مُعقده " و الاخرى تجر جدائلي الصغيرة بقوة تدفعني للبكاء.
تعديت مرحلة الصمت التي عشتها مجددا و رافقت إحدى الفتيات من ذوات القوام الطويل و أقول ذلك لانها فاجأتني يوما بابتعادها عني و عندما سألتها السبب قالت إن صديقاتها يسخرن مننا عندما نسير جنبا إلى جنب كونها كعمود إنارة يستند عليه كلب .. واسيتها .. اخبرتها بأنه لا بأس من كونها عمود إنارة و ذلك أفضل من الكلب .. لكني ربما أخطأت عندما طلبت منها و بكل براءة أن تكون مثلي .. فترتكني ..
منذ تلك اللحظات و أنا أراهن بأني الاكثر حكمه من بينهن و اتزانا .. و أنني الاكثر ترويضا للحياة منهن .. منذ تلك اللحظات و أنا أراقبهن كالغريبه .. حتى تعرفت مجددا على من هي أسوأ مني حاله .. تدمع باستمرار .. قلبها هش، كبسكويت سهل سحقه و طحنه ..


:


اجتهدت في دراستي رغبت بأن أتحدى الجميع، في حفل التخرج ظهرت تلك الفتاة التي ركلوها إلى الصفوف الاخيرة أمام الجميع كالقائدة بتقدير امتياز لتترأس فرق الخريجين و تؤدي تحية العلم بكل فخر، كان الجميع يحاول التقرب مني و ملامسة الميدالية التي اتحلى بها ..
و هنا توقفت مرحلة الاجبار التي كنتها، بدءا من إجبار والدتي لي على إطلاق خطواتي بنفسي و من ثم إجبار والدي لي على النطق باحرفي الاولى .. و إجبار تلك المربيه لي على تشرب حنانها و إجبارهم لنا على الفراق وصولا إلى إجبارهم لي للدخول إلى عالم جديد وحدي ..
و قررت اختيار تخصص دراستي .. كان الادب هو هدفي و الفلسفه مبدأي و المسرح هو الوحيد الذي تلقى خطواتي دون إجبار، و مضيت في دروسي كمهتمه بالادب تختبئ خلف الستار .. هنا لم أعد لصمتي كليا لكن صوتي كان خافتا للغايه أيقنت هنا بأنني لست سوى كائن غريب يعيش بغابة ملؤها الاسود تأكل بعضها و تنهش اللحم بشراسه وذلك عندما تعرضت لاحد أنواع تخطي الحدود حين خدشت براءتي من أقرب الارواح لي ... و هنا ... توقف النبض تجاههم .. و لمسنى الألم مجددا في منطقه أخرى تدعى " الخوف " ولانني ادرس العالم حولي فيجب أن أبدأ بذاتي حتى أصلحه،ا و قمت بذلك ... تلاعبت بشتى أنواع الرموز حتى عرفت الرمز السري الذي أحدث فيه ذاتي كما أرغب و أينما أرغب ومتى أرغب ..
و في ذاك المكان الذي يدعى منبر للعلم و تلقي المعرفه انصدمت .. حيث لم تكن تلك الكتب تحمل عشقي الذي أرغب به، هبط مستوى اجتهادي العلمي هبوطا ملحوظا خاصه بعد النكسة التي مررت بها ولم يلاحظ أحد من عائلتي ذاك الامر ... كنت كالمنومه مغناطيسيا كنت فقط أفكر كيف انتزعت مني برائتي لأسأل و أتيقن أمورا أكبر مني ؟!
و مازالوا لا احد يلاحظ ... و لا أحد يسألني عن مستوى تحصيلي العلمي ... يكفي أن أتلقى إهانه من مدرسة البلاغه و النصوص و صفعات من مدرسه الفلسفه و غيرها ..

 

يوما ما اكتشفوا مااحمل في جعبتي حين نادت باسمي استاذة المسرح لتهنئتي على النص الذي كتبته مطلقه بشرى بتميزي في المستقبل .. لم أستغرب ذاك الأمر خاصه و أن المطلوب نص يحمل ( ألم يغوص في أعماق البحر ) ..
و مازالت مسيرتي في الالم مستمرة حينما تابعت في دراستي لتكون أيامي القليلة قبل استلامي شهادة التخرج من قاعة الدرس حتى المكتبة و المقهى و هكذا ....
كنت قد تعرفت على عدد لا بأس به من الزميلات لكن مازال الوقت باكرا لانسيابي بينهن كما هم فاعلون معي ..
مازلت أذكر أول قصه اشتريتها كان اسمها " غابة الخيزران " كنت أحضرها معي للمدرسه لقرائتها لكني لم أستوعب شيئا منها و لم أتابع قرائتها ... بينما وصل بي الامر إلى لحظاتي هذه، لقراءة الكتب الادبيه و الروايات الفلسفيه .. اختلاف كبير ها ؟
و تخرجت بمعدل جميل لكنه لم يكن ما أرغب ... و منذ تخرجي تجمدت أعضائي .. و لم أعد أشعر بالحياة .. قرات كل ماتحمله مكتبتي حتى قصصي التي كتبتها قبلا و كان يتراوح عددها تقريبا خمس قصص طويلة إلى جانب أشعار مبعثرة .. تعلمت الرقص التعبيري فكنت التف حول نفسي في غرفتي رامية بذاتي على الجدار كالمهبوله متأثرة بلحن الموسيقى فأقفز بخفه و هكذا ....
و عدت لأكتب مجددا صرخة تعتريني لم يحن الوقت بعد لسماعها ..
كتبت كثيرا .. و كلماتي أعجبت الكثيرين من الغرباء و الأقرباء ... هنا حاولت التقرب من والدتي .. حاولت أن اجعلها دون ان تسأل عارفه بكل شئ .. منحتها بعض أشعاري قرأت و قرأت .. انتقدتني هنا، امتدحتني هناك، أعجبت ببعض الكلمات، طرت من الفرح، حلقت بالفضاء ..
جددت مكتبتي بكتب جديدة و بدأت أكتب مجددا، أحسست باني حرة في تشكيل حبر قلمي كما أرغب انا، فهمت الحياة أكثر، اشتد عودي أكثر ، ليعودوا هؤلاء الذين سرقوا برائتي و يكسرون عودي .. ليشوهوا برائتي للمرة الثانيه و يلوحون للجميع بأنني الشر، صدموني ربما لكن مع الوقت لم أستغرب ما حدث
بدوت أفهم أنواع تلك القلوب التي تحيا على الارض، أصبحت مؤمنة أكثر بذاتي .. لكني مازلت لا أملك الجرأة الكبيرة ...
مع الايام قمت بمعالجة البشر و مساعدتهم رغم أني مازلت تلميذة ..
فتعلمت أن الحياة مجرد صندوق نرجّه وقتما نرغب .. نقلبه كما نشاء و نفتحه لنكتشف ما يحوي كما نرغب .. و من يفتحه ليكتشفه يجب ان يكون مستعدا لمواجهه حزنه ، فالحزن المعشعش في القلب سيظهر، سينتثر بمجرد ملاقاته مع نور الحياة ..

 



تعلمت بانه كما للعالم أساسيات أهمها الهواء و الماء و النار و النو، للروح أساسيات أهمها الحزن ، فمن الحزن نتعرف على الفرح، وربما يكون الفرح ذاته حزن يلهو ..
في الحياة يحدث الكثير من الغرائب التي ربما يتجمد امامها المنطق كاستيقاظكم مثلا في الخامسه فجرا لتجدون ذواتكم تبكي عند حافة السرير رغم أنكم أساسا تغطون في سبات عميق ..!
و هذا شئ آخر من حيرة تعتريك حين يقول لك شخص ما : " ليتك تفهم "، كيف حينها توضح له أنك تفهم كل شئ أساسا قبل أن يتمنى ؟
و مضى بي الوقت لاحمل كيس كبير جدا في عقلي بفترة بسيطه مقارنه بحجم الكيس و ما جمعت بداخله ..
و عاد سيناريو الاجبار ليحاولوا التحكم حتى بأنفاسي ..
لكن الروح تتحكم بنفسها لا غيرها أليس كذلك ؟
وبانتظارهم لوقت موتي كنت قد اشترطت ان ادفن في كتاب او حتى يحاولون حشر أعضائي بمكتبتي ..


Make a Free Website with Yola.