لقاء مع الشيطان



صدمتني في كلماتها التي توصف مشاعرها و أحاسيسها ... صدمتني لدرجة
إنني كرهتها و رغبت لو أستطيع خنقها ...
ربما ستتفاجئون .. و ربما ستتساءلون ماذا فعلت حتى أتمنى ما تمنيت لها ؟ ماذا قالت حتى أرغب بأن أجرم جريمة شنعاء كهذه ؟ صدقوني إن قرأتم ما حدث لي بذاك اليوم و سبب كرهي لها ستتمنون لو لم تقرأوا
تلك السطور ، ستتمنون لو لم تعرفوا الحقيقة مثلي تماما ...
سأحكي لكم مادار بيني و بينها و أنتم الحكم ...
ذات يوم ممطر و بحكم عملي كأخصائية نفسية ( متدربة ) تم استدعائي للعمل على نصح و إرشاد إحدى النزيلات في السجن المركزي التي و ما إن وقعت عيناي عليها حتى أحسست بأنني سأتحدث مع إمرأة عاقلة ذات عقلية متزنة ...، بدت لي في أواخر الثلاثينات من عمرها ... ، جلست على الكرسي المقابل لي و قالت : ( من أنت ؟ ) قلت لها و انا أبتسم ابتسامة رضا : ( بداية جميلة ! أنا الاخصائية النفسية التي ستشرف على مساعدتك و جعلك تخطين اول خطوة في عالم السعادة و .. ) قاطعتني بضحكة قوية !! انتابني شعور بان الحراس من حولنا سمعوا ضحكتها ..فانحرجت ..بينما قالت و هى تحاول كتم ضحكتها : ( أي سعادة ؟) قلت لها : ( السعادة الحقيقية التي يتمنى كل إنسان الوصول إليها و صدقيني سأساعدك بكل جهدي حتى تصلين إليها ..) اقتربت مني و رمقتني بنظرة حادة ترمز إلى التحدي فقالت : ( أراهنك على أنك ستستطيعين ..) ابتسمت لها ابتسامة شقية بريئة و بينما أصافحها قلت لها : ( و انا أقبل الرهان ) عادت إلى كرسيها و قالت : ( حسنا سأحكي لك قصتي ..! ) تأملت الغرفة بينما أجهز المسجل الخاص بي فبدأت ..: ( أنا فتاة أستمتع بإيذاء الاخرين ... فمنذ ان كنت صغيرة و انا احاول إيذاء والداي و أصحابي و أقاربي فأكذب و أضرب و أصرخ و بمجرد ان يغضبون او حتى يدمعون و يذرفون الدمع و ينجرحون ابتسم و أشعر بالسعادة و الاستمتاع ... اتصدقين بأنني كذبت يوما على والدي فأخبرته بأن والدتي تعشق جارنا ؟؟ فما كان منه إلآ أن يضرب والدتي و ينشب خلافا مع جارنا الحنون ...بينما أتابع الحدث و انا أشعر بالقوة و الفرحة تغزو مشاعري ...و عندما كبرت و أصبحت في التاسعة عشر تقريبا زاد تلاعبي بمشاعر الاخرين ....) قطعت حديثها دمعة تسللت من عينيها لتسقط بحرارة على وجنتيها فابتسمت و هي تمسحها و تابعت : ( أتذكر يوما من الايام حينما عدت للمنزل ثملة فصدمت والدتي برؤيتي و وبختني لكني بدون شعور مني قلتلها ببرود : أنا أحب أن أرى الحزن بعينيك و الدمع يسيل على وجنتيك .. ! ، فصفعتني بقوة اختل توازني من أثرها بينما هي أصيبت بجلطة بالقلب جعلتها تمكث أربعة شهور في المستشفى ثم ... وافتها المنية ..) قلت لها بأسى شديد : ( ماذا حدث بعدها ؟ الم تحاولي أن تتعالجي ؟ ) قالت : ( بالعكس حاجتي للمرح ازدادت خصوصا و عندما وجدت طريقة جديدة فبدأت أمثل الحب على شخص معين و عندما أخدع آخر بالحب أقوم بتعريفهم على بعضهم البعض و وقتها يحين وقت المرح فأقوم بجرح الاول و مصارحته بكرهي له وخداعي وأنا أحب الاخر و بعد فترة أكرر ذات القصة على الاخر و هكذا ...)

سألتها : ( لماذا ؟ لماذا كل هذا ؟! هل يعقل إنه فقط هذا الطريق هو مصدرك للسعادة ؟؟ ) قالت : ( لا بالعكس .. والدي كان يدللني و كان يلبي لي طلباتي كلها .. لكني أشعر بسخافة و برودة عكس ما يفعله دهائي ، إن ما يجعلني سعيدة هو نتاج ذكائي ..! ) سألتها : ( ذكاؤك ؟؟ و هل ذكاؤك هو نفسه الذي أوصلك غلى السجن ؟؟ ) ابتسمت ثم قالت : ( هذه المرة الوحيدة التي خدعني فيها ذكائي فقد كنت أحاول إيذاء صديقتي الصدوقة فسرقت عقدها الالماس الخاصة بليلة زفافها و دسسته في سيارة خطيبها حتى تنصدم و تنجرح لكن لسوء حظي كان أخاه يصور مشروعه التافه في حديقة المنزل و قد صورني بالصدفة فقدموا الفيلم للشرطة و تم الحكم و ها أنا ذا أنفذ عقوبتي ..) قلت لها : ( مرت 3 سنوات و بضعة أشهر لربما ستتلاشى تلك الطباع تدريجيا لا تقلقي ) ضحكت مجددا حتى باتت تفقد انفاسها فقالت : ( أتصدقين بأنني أخبرت إحدى النزيلات اللاتي يمكن معي في ذات الزنزانة بأنني سمعت خبر وفاة والدتها من الحرس ؟ و هي الان تذرف الدموع و تتألم بانتظار الخبر من أقربائها )
رمقتها بنظرة كره و تأنيب
و انا أقول لها : ( هل انت بشر ؟؟ ...لا لا إنني أتحدث مع شيطان ..) قاطعتني و هي تركز بنظراتها تجاهي : ( لماذا؟ إنهم نفوس تافهه يذرفون المع على أبسط الامور ... ينتظرون فقط من يفتح لهم باب الحزن فلماذا أحرمهم منه و انا أملك المفتاح ؟ ) هززت لها رأسي بالنفي و إنكار ما تقوله فاقتربت مني و هي ترمقني بنظرة تحدي : ( أتنكرين بانك تحملين كنزا من الاحزان مدفونا بداخلك ؟ أتنكرين بانك تعرضتي للظلم و الخداع يوما ؟؟ اتنكرين بأن قلبك مجروح بجرح غزير ؟ اتنـ ...) قاطعتها و انا أنهض من الكرسي راغبة بالمغادرة : ( نصيحتي لك اقرأي القرآن و صلي صلاتك و عودي لربك ..قبل أن يفوت الاوان ..) قالت و هي تنظر إلي بينما أغادر : ( أين أنت ذاهبة ؟ لم اكمل قصتي بعد .. أم أنك تحاولين إخفاء دمعة تحاول إشعال نورها ؟ ) التفت إليها و انا أمسك بقبضة الباب و قلت لها باشمئزاز : ( تهانينا لقد كسبتي الرهان ..!!! ) فغادرت ...
بينما أغادر المبنى سمعت صدى ضحكتها يهز المكان عندها سقطت دمعة لسعتني ..



Make a Free Website with Yola.